“يرضّ الجدري جسد أيوب عليه السلام، تتشتت أسرته، تتبعثر أملاكه، أكثر الناس تفاؤلا يفقد الأمل في شفائه، وهو صابر محتسب! تشتعل الأسقام في جسده وهو منكّس الرأس لمولاه، وبعد سنوات البلاء، يندّ من شفتيه دعاء حيي، دعاء منكّس رأسه بذلة، دعاء ممتلئ باليقين: “أنّي مسني الضر وأنت أرحم الراحمين”

“(يا بنيّ إنها إن تك مثقال حبة من خردل فتكن في صخرة أو في السماوات أو في الأرض يأت بها الله إن الله لطيف خبير)فلا تيأس وربك لطيف لما يشاء. تأمل حبة الخردل! إنك لا تكاد تراها إن لم تكن محدّقا فيها: انظر إلى حجمها بالنسبة لكفك، ثم بالنسبة لحجم الغرفة مثلا، ثم البيت، ثم قارن حجمها بحيّك، ثم بمدينتك، ثم بدولتك، وبعد ذلك بقارّتك، ثم بالأرض، ثم بالسماوات الفسيحة، ثِق: إن أرادها الله فسيأتي بها “إن الله لطيف خبير”

“أي عمل تتوكل على الله فيه انسه تماماً، لأنك إن توكلت على الله فهذا يعني أنك وضعت ثقتك في إتمام هذا العمل بمن يملك الأمور كلّها، ومن السماوات والأرض من بعض مربوباته، ومن يجير ولا يجار عليه”

“وإذا بالأوامر العليا تنزل من فوق السماء السابعة لأجل ذلك المهموم المكروب.. تنهي في ساعة سنوات العذاب، ليأتي عهد الشفاء.. لماذا تذهب إلى غيره؟ لماذا تلتجئ إلى سواه؟ لماذا تثق بكل هؤلاء الموتى الذين يتحركون حولك وتنسى الحي الذي لا يموت؟”

“ليس هناك آهة إلا ويسمعها، ولا ألم إلا ويعلم موضعه، ولا زفرة إلا ويرى نيرانها في الفؤاد”

“فكما خلقتك من عدم فأنا وحدي الذي أرفع عن جسدك السقم!”

“قدّر الله سبحانه وتعالى على ها الجسد أن تنطفئ نضارته مؤقتاً، حتى يقتنع الإنسان بضعفه، وبأنه لا جول له ولا قوة”